يضمّ هذا الكتاب بحوث الندوة التي نظّمها إرسيكا برعاية وزارة الثقافة بالمملكة الأردنية الهاشمية تحت عنوان “التراث العمراني العثماني في بلاد الشام”، والتي انعقدت في رحاب الجامعة الإسلامية العالمية في عمّان، من 3 إلى 5 مارس 2014م، بمشاركة نخبة خيِّرة من الباحثين والخبراء من تركيا والأردن وفلسطين وسوريا ومصر والعراق والسعودية ولبنان والبوسنة والهرسك والسويد وإيطاليا.
لقد شهدت بلاد الشام حركة عمرانية واسعة في العهد العثماني امتدت طوال حكم العثمانيين في هذه المنطقة، وخير دليل على ذلك هي المباني التراثية المنتشرة في المدن الشامية المختلفة. ويعود هذا الانتشار إلى عوامل كثيرة لعبت دورا كبيرا في هذا الخصوص، تأتي على رأسها الأوقاف التي انتشرت انتشاراً واسعا في العهد العثماني وكانت حافزا كبيرا لقيام الأعمال العمرانية باعتبار أن الأوقاف قد وفّرت الأساس الشرعي والمال اللازم لها. كما كان للسلاطين العثمانيين وولاتهم وكبار مسؤوليهم دور كبير في انتشار هذه المباني التراثية التي تولى بناءها أشهر معماريّ العصر، وخير مثال على هذا نجده فيما قام به المعمار سنان من مبان خالدة في الدولة العثمانية ومنها المباني المنتشرة في بلاد الشام. وتدل الآثار المعمارية العثمانية القائمة اليوم في بلاد الشام على ثراء وتطور العمارة والعمران في العهد العثماني. ولكن مما يُؤسف له أن هذه الآثار لم تنل حقّها في البحث والدراسة، وبقيت جوانب كثيرة منها مجهولة. وحتى لا تبقى هذه الجوانب في طيّ النسيان عُقدت هذه الندوة لتسليط الضوء على البعض منها وقُدّمت فيها سبعة عشر بحثاً، خمسة عشر منها باللغة العربية واثنان باللغة التركية. وفيما يلي بعض العناوين لهذه البحوث: “العمارة العثمانية في بلاد الشام من خلال كتب الرحلات العربية”، و “دور العوامل السياسية والاجتماعية في تطور العمارة العثمانية في بلاد الشام: حلب ودمشق أنموذجا دارسة تاريخية (1550- 1800م)”، و “المدارس العثمانية في حلب وأثرها في الحياة العلمية”، و “القلاع العثمانية في جنوب الأردن: قلعة (خان) الحسا نموذجًا” ، و “الخانات العثمانية في لبنان في القرن التاسع عشر محطة تواصل اقتصادي اجتماعي مميز”، و “الأسواق العثمانية في بلاد الشام: مدينة حلب نموذجا”،…الخ. ويأمل المركز من نشر هذا الكتاب أن يكون مرجعًا لكافة الباحثين والمعنيين والمهتمين بالتراث العمراني في بلاد الشام.