هذا الكتاب عبارة عن عمل بحثي قيّم يتعلق بالمعرفة الإسلامية في آسيا الوسطى والتي هي جزء من التاريخ الثقافي للمجتمع القازاخي والثقافة الإسلامية القازاخية. وألّفَ الكتابَ الذي يحمل عنوان زَامَانِمِزْدَا بُولغَانْ عُلَمَاء لَارْدنـﯖ ؤُمْر تَارِيخْدَارِى (تراجم العلماء المسلمين في زماننا) العالمُ القازاخي الكبير سعد وقاص غلماني (1890-1972)، وقد صدر بنصه القازاخي المكتوب بالحروف العربية والمصحوب بترجمة إنجليزية لمخطوطه الأصلي. والكتاب عبارة عن موسوعة تضمّ السِّيرَ الذاتية للعلماء القازاخيين، فهو مرجع قيّم حول الثقافة الإسلامية في آسيا الوسطى.
آسيا الوسطى من المناطق التي انتشر فيها الإسلام مبكرا في القرنين السابع والثامن الميلاديين وتفاعل فيها مع التقاليد والثقافات الأخرى المحلية تفاعلا على وجه مثمر. كما ساعد تعدد الأعراق وتنوع اللغات والثقافات وموقع المنطقة على طريق الحرير التاريخي، فضلا عن تشجيع الإسلام للعلم والمعرفة، على تطور المنطقة وازدهارها على مدى قرون من الزمن. وقدّم علماء العالم الإسلامي ومن جملتهم علماء المنطقة، الذين اعتمدوا على إنجازات أسلافهم وأعمالهم، الكثير في سبيل ازدهار العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية. وفي هذا الصدد فقد خلّد التاريخ أسماء علماء جهابذة من آسيا الوسطى متضلّعين في علم التوحيد والفقه وعلم الفلك والرياضيات والعلوم الإنسانية والأدب أمثال أبي نصر محمد الفارابي وأبي علي ابن سينا وأبي الريحان البيروني ومحمد بن موسى الخوارزمي ويوسف خاص حاجب البلاصغوني ونظام الملك. وقد زوّدت هذه العلوم والإنجازات بلدان المنطقة بتراث ثقافي نفيس سواء من الناحية العلمية أو من حيث تحقيق المصلحة العامة.
ونظرا لما للكتاب من أهمية بالغة من أوجه كثيرة فقد وقع الاختيار على طباعته. فقد قضى غلماني حياته في عهد الإمبراطورية الروسية والسوفياتية. وترأس غلماني من عام 1952 إلى 1972 الفرع القازاخي للإدارة الروحية لمسلمي آسيا الوسطى وقزخستان بصفة قاضي قزخستان. وترك تراثا يزيد عن ستين مصنَّفا في الشعر والتاريخ واللسانيات وعلم التوحيد. وهذا الكتاب الذي ألّفه يكتسي أهمية خاصة، فهو يتضمن تراجم لتسع وثلاثين شخصية دينية وعالما من شمال قزخستان عاشوا في القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد أُعد هذا الكتاب على أساس المخطوطة الوحيدة المكتوبة بخط يد المؤلف نفسه وهي بمثابة النسخة الأصلية للكتاب. وتحتوي الترجمة الإنجليزية للنص القازاخي على حواش كُتبت على أساس تراث غلماني الثري وأعماله الأخرى ومذكراته اليومية.