يُعد هذا الكتاب أول كتاب من نوعه يؤرخ المؤسسات التعليمية التي تأسست في العهد العثماني في المشرق العربي العثماني أي في ولايات بغداد والموصل والبصرة وسورية وحلب وبيروت والحجاز واليمن والألوية المستقلة أي المرتبطة بالباب العالي مباشرة وهي القدس والزور والمدينة المنورة وعسير. واستعان مؤلفه الأستاذ الدكتور فاضل بيات الخبير في إرسيكا بالوثائق العثمانية، ولا سيما وثائق وزارة المعارف ووزارة الداخلية العثمانيين.
إن موضوع التعليم والمؤسسات التعليمية في الولايات العربية في العهد العثماني يأتي على رأس المواضيع التي تفتقر إليه المكتبات بشكل عام، والقاسمُ المشترك في القلة القليلة من الدراسات التي أجريت في هذا المجال هو غياب المصادر والوثائق العثمانية عنها. ولهذا لم يأخذ هذا الموضوع حقه في الدراسة. ومن هنا يأتي أهمية هذا الكتاب، فمعظم المعلومات الواردة فيه غير معروفة للباحثين، كما أن المنهج والأسلوب العلمي الذي اتبعه المؤلف أضاف قيمة إضافية له.
قسّم المؤلف كتابه إلى ثلاثة عشر فصلاً، توقّف في الفصل الأول عند الملامح العامة للتعليم في الدولة العثمانية وتناول فيه نشأة التعليم وتطوره والتعريفات والمميزات والخصائص العامة التي يتميز بها هذا التعليم. وتوقّف في الفصل الثاني عند إدارة المؤسسات التعليمية في الولايات، وتناول مديريات ومجالس المعارف وخدمات التفتيش بشكل عام ثم إدارة المعارف في كل ولاية من الولايات العربية المشرقية. أما الفصول الإحدى عشرة فخصص المؤلف كل واحد منها لمستوى أو نوع معين من المدارس أي: المدارس الابتدائية والرشدية والاعدادية والسلطانية ومؤسسات التعليم المهني والتعليم العالي (دور المعلمين ومدارس الحقوق والطب وكليات العلوم الدينية)، والمدارس العسكرية ومدارس الشرطة، والمدارس التقليدية الإسلامية، والمدارس الخاصة غير الرسمية للمسلمين، ومدارس الطوائف غير الإسلامية والمدارس الأجنبية.
ويبدأ المؤلف بكل فصل بتمهيد عام يتعلق بالموضوع الأساسي، ويتوقف عند نشأة هذا النوع من المدارس عند العثمانيين ومراحل تطوره ومناهجه والتعليمات المتعلقة به. وألحق المؤلف بنهاية كتابه ملاحق تتضمن وثائق وصوراً تاريخية تتعلق بالتعليم والمؤسسات التعليمية. ويُسعد إرسيكا أن ينشر هذا الكتاب القيِّم الذي سيسهم في إثراء المصادر والدراسات حول تاريخ التعليم في الولايات العربية في العهد العثماني.