يضمّ هذا المجلّد البحوث التي قُدِّمت أثناء المؤتمر الدولي حول “الحضارة الإسلامية في البلقان” المنعقد في العاصمة المقدونية في تشرين الأول/أكتوبر عام 2010م؛ وهو المؤتمر الرابع ضمن سلسلة مؤتمرات إرسيكا التي تبحث في تاريخ منطقة البلقان وثقافاتها، ونُظم بالتعاون مع الأكاديمية المقدونية للعلوم والفنون. وقد حظي مؤتمر سكوبيه برعاية سامية وافتتحه فخامة رئيس جمهورية مقدونيا السيد جورجي إيفانوف الذي شارك فيه بصفته أكاديميا وقدَّم بحثا، ممّا يدل على اهتمام الدولة بأهداف المؤتمر. ويتضمن المجلدُ الأول البحوثَ المقدَّمة بالإنجليزية أو التركية (39 بحثاً) والمجلدُ الثاني البحوثَ المقدَّمة باللغات المقدونية أو الألبانية أو الصربية (44 ورقة بحث).
ونظرا لموقعهم في ملتقى الطرق بين أوروبا وغرب آسيا فقد كانت شعوب البلقان في اتصال مع العالم الإسلامي منذ القرن الثامن على الأقل. وقد ساعدت أسباب كثيرة، من جملتها التجربة الطويلة في التجارة بين المنطقتين، على الانتشار السريع للإسلام في البلقان وتعزيز دوره الثقافي الكبير فيها. ولم تكن العلاقات بين العالم الإسلامي والبلقان قائمة على اللقاءات والتبادل فحسب بل أيضاً على التعايش. وقد تناولت البحوث المقدَّمة في المؤتمر مجموعة واسعة من الموضوعات وأبرزت العلاقات المتعددة الثقافات الخاصة بمنطقة البلقان.
إن انتصاب إرسيكا للبحوث والدراسات على المنطقة في مجال تاريخ الحضارة الإسلامية إنما هو مستوحىً من جوانب الموضوع المذكورة، وهو يأخذ في الحسبان أيضاً أن دولتين من البلقان عضوان في منظمة التعاون الإسلامي وفي إرسيكا، وهما ألبانيا بصفتها عضوا كاملا والبوسنه والهرسك بصفة مراقب. وقد نُظمت في وقت سابق ثلاث مؤتمرات حول نفس الموضوع، في صوفيا (2000م) وتيرانا (2003م) وبوخارست (2006م). كما نُظم مؤتمر خامس في مايو/أيار 2015م. وقد نجح هذا البرنامج المخصَّص لتاريخ الحضارة الإسلامية في البلقان في جذب الاهتمام والمشاركة من شتى أنحاء العالم، فضلا عن بلدان البلقان نفسها، وأنتج دراساتٍ وبحوثاً قيِّمة كما تبيِّنه محتويات هذا الكتاب.