يبرزُ هذا الكتابُ، الناتجُ عن سلسلة دراسات إرسيكا على أقدم المصاحف الشريفة، خصائص المصحف الجزئي المحفوظ في المكتبة الوطنية الفرنسية بباريس. وعلى الرغم من عدم وجود معلومات عن تاريخ هذا المصحف، إلا أنه بلا شكّ من أقدم المصاحف التي وصلت إلى عصرنا هذا، بل هو أقدم من بعض المصاحف القديمة المنسوبة إلى عهد الخليفتين الثالث والرابع. وتتقصى الدراسة التحليلية الدقيقة التي قام بها الدكتور طيار آلتي قولاج، المختص الكبير في الدراسات القرآنية، خصائص هذا المصحف من حيث الخط والتدقيق الإملائي وغير ذلك من المعايير الفنية وتقارنها مع خصائص المصاحف الأخرى القديمة. وتستهل الدراسة التحليلية بسرد قصة رحلة المصحف الجزئي إلى باريس وبالإشادة بالعمل السابق الذي أجري عليه، ولا سيما طباعة فرانسوا ديروش وسيرجيو نوخا نوسيدا في عام 1998 لِسِتٍّ وخمسنَ ورقةً منه (من جملة تسعٍ وسبعينَ ورقةً في نفس المكتبة وفي غيرها من الأماكن). ويلي ذلك فحصٌ للمصحف صفحةً صفحةً. وهذه الدراسة هي بمثابة الدراسة الخامسة التي نشرها إرسيكا ضمن هذه السلسلة وستتبعها دراسة على مصحف قديم جدا، وهو المصحف الجزئي الذي عثر عليه في مكتبة جامعة توبنغن بألمانيا.
وهذا الكتاب، بالإضافة إلى ما يقدّمه من نتائج وملاحظات علمية، وكذلك بالنظر إلى منهجيته الرائعة وتغطيته لمواضيع شتى، هو مساهمة قيّمة في الدراسات حول تاريخ انتشار القرآن في جميع أنحاء العالم.