انعقد المنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة في فاس بالمملكة المغربية تحت شعار “نحو تحالف من أجل السلام لنتعايش جميعا كإنسانية واحدة”. وافتُتِحَ المنتدى برسالة جلالة الملك محمد السادس ملك المغرب، التي أكّدت على أهمية إيجاد مسارات للسلام والوحدة والتضامن في السياق العالمي الحالي الذي يتميز بعودة ظهور الأسباب التي أدّت إلى إنشاء تحالف الحضارات. وفي افتتاح المنتدى العالمي، أكّد السيد ميغيل أنجيل موراتينوس، الممثل السامي لتحالف الحضارات، أن النزاعات الدولية لا يمكن أن تكون النتيجة الوحيدة للدين أو الثقافة أو الحضارات. … وأنه لا يوجد تصادم بين الحضارات، بل ثمّ تعارض للمصالح وصدام جهالة. ودعا الأمينُ العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس في كلمته في الجلسة الافتتاحية إلى إنشاء تحالف للسلام من خلال الإقرار بالتنوّع باعتباره ثراءً والتفاني في الإدماج؛ وقال: “يعلّمنا القرآن الكريم بأن الله قد خلق شعوبا وقبائل حتى نتعرّف على بعضنا البعض”، وحثّ في هذا الوقت المحفوف بالمخاطر على الاستلهام من جوهر هذه المعاني والوقوف معًا كأسرة بشرية واحدة متنوعة غاية التنوع، ومتساوية في الكرامة والحقوق، ومتّحدة في التضامن. وقال غوتيريش أن المشاكل معروفة وأن المطلوب الآن هو كيفية حلّها
(https://www.moroccoworldnews.com/2022/11/352518/un-alliance-of-civilizations-forum-opens-in-fez)
وألقى في الجلسة الافتتاحية كلمةً كلٌّ من وزيرِ الشؤون الخارجية التركي، السيد مولود جاووش أوغلو، ووزيرةِ الدولة للتعاون الدولي الإسبانية، السيدة بيلار كانسيلا رودريغيز، مُمَثِّلَيْ رَاعِيَيْ مبادرةِ تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، تركيا وإسبانيا. وقد أشار العديد من المتحدثين إلى مبادرة تأسيس تحالف الحضارات، التي رعاها رئيسُ الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغيز زاباتيرو ورئيسُ الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في عام 2005، مُبرزِين الأهمية المتزايدة للمبادرة الحكيمة. وشاركت وفود من ست وتسعين دولة في المنتدى العالمي، خمسون منها على المستوى الوزاري. وشارك في الفعاليات والجلسات الجانبية نحوُ ألفِ عاملٍ ثقافيٍّ وممثِّلٍ عن منظماتٍ غير حكومية ومتطوِّعٍ.
وأعقبت الجلسةَ الافتتاحية جلسةٌ عامة بعنوان “أصوات الحكماء: مسارات إلى السلام والعيش معًا في احترام متبادل” حيث أدلى ببياناتٍ الشخصياتُ التالية: السيدة فايرا فايك فرايبرغ، الرئيسة السابقة للاتفيا؛ والسيد أندريه أزولاي، المستشار الخاص لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المغرب؛ والسيد خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، رئيس وزراء إسبانيا الأسبق؛ والسيدة أميناتا توري، رئيسة وزراء السنغال السابقة؛ وعمرو موسى، وزير خارجية مصر الأسبق والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية؛ وشيخ الإسلام الله شكر باشازاده، رئيس إدارة مسلمي القوقاز في أذربيجان؛ والسيدة ماريا فرناندا إسبينوزا، رئيسة الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ووزيرة الخارجية السابقة ووزيرة الدفاع السابقة في الإكوادور؛ والأميرة ريم علي رئيسة مؤسسة آنا ليند؛ والسيد ملادن إيفانيتش، الرئيس السابق للبوسنة والهرسك.
ثم أعقب ذلك الاجتماعُ الوزاريُّ الرفيعُ المستوى لمجموعة الأصدقاء حيث ألقى السفيرُ الأستاذُ الدكتور محمود إرول قليج، المديرُ العامُّ لإرسيكا، كلمةً. كما شهد الاجتماع كلماتٍ ألقاها ستةٌ وثلاثون وزيراً ورئيساً لمنظّماتٍ دولية، مسبوقةً بكلماتِ الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بالمملكة المغربية السيد ناصر بوريطة، والممثل السامي لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة السيد ميغيل أنجيل موراتينوس. وأكد البروفيسور قليج أن المشاكل المزمنة من الفقر وعدم المساواة في الدخل إلى الغلوّ في الدين والتفرقة معروفة وأن الوسائل اللازمة لمعالجتها متوفرة؛ وأن البشرية بحاجة إلى الإرادة والالتزام، وتشجيع الإيثار، وتقليل الاستقطاب، وحشد التضامن الجماعي، والسعي نحو “العيش معًا كإنسانية واحدة”.
وتضمّن برنامج المنتدى جلساتٍ عامة، وجلساتٍ وأحداثاً جانبية، حول مجموعة متنوعة من الموضوعات لها أهمية عالمية في الوقت الحاضر، وهي: “دور الزعماء الدينيين في تعزيز السلام والاحترام المتبادل والوئام الاجتماعي (مناقشة تفاعلية بين الزعماء الدينيين من جميع الأطياف الدينية)”؛ و”دراسة معمّقة: الجهود المبذولة لمنع الغلوّ العنيف ومكافحته على خلفية التهديدات الجديدة والناشئة”؛ و”الثقافة: شرط لا بد منه للسلام. المتاحف كأماكن تثير الدهشة، والاكتشاف، والانفتاح على الآخرين، والحوار بين الثقافات”؛ و”الاعتدال في سرد أخبار الهجرة”؛ و”أفريقيا بهوية ثقافية قوية، وتراث مشترك، وقيم وأخلاق مشتركة”؛ و”صياغة عقد اجتماعي جديد: محاربة التفرقة والتعصب على أساس الدين أو المعتقد الراسخ في حقوق الإنسان (ولاسيما مكافحة معاداة اليهود والترهيب من الإسلام والترهيب من المسيحية)”؛ و”الوساطة في النزاعات الثقافية والدينية: المرأة، وصانعو السلام المنسيون”؛ و”تعليم المواطنة العالمية: تكوين مواطنين عالميين من خلال تعليم تحويلي”؛ و”الرياضة كناقل للسلام والشمولية”؛ و”الحلال والكوشير (الموافق للشريعة اليهودية): تقريب الحضارات معًا لتحقيق الرخاء”؛ و”منتدى شباب تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة: المستقبل الذي يريدونه: حوار بين الأجيال”؛ و”إعادة تنشيط التعددية من خلال ثقافة السلام”؛ و”مواجهة ومعالجة خطاب الكراهية عبر الإنترنت على وسائل التواصل الاجتماعي”.
اعتمد المنتدى العالمي إعلان فاس الذي دعا إلى الاحترام المتبادل والشمولية والتعاون الدولي والتضامن بين شعوب العالم، وحث أعضاء مجموعة أصدقاء تحالف الحضارات على إدانة التدمير غير المشروع للتراث الثقافي والمواقع الدينية.