عقدت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو، تونس)، اجتماعا تنسيقيّا افتراضيا بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020، “لدعم جهود الدّول العربيّة في حماية ممتلكاتها التراثية في أوقات الأزمات”، وذلك بمشاركة رؤساء منظمات دولية وهي منظمة التعاون الإسلامي، والجامعة العربية، واليونسكو، وإرسيكا، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، والمجلس الدولي للمعالم والمواقع (إيكوموس)، والمجلس الدولي للمتاحف (إيكوم)، ومؤسسة التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ALIPH)، ومركز إيكروم ـــ الشارقة، والمركز الإقليمي العربي للتراث العالمي بمملكة البحرين، ومنظمة المدن العربية، فضلا عن ممثلين عن أوساط ثقافية وعدد من المسؤولين والخبراء في خمسة من الدول التي تشهد تهديدا لممتلكاتها التراثية، وهي لبنان والعراق واليمن وليبيا والسودان.
واِفْتُتِحَ الاجتماع التنسيقي بكلمة الأستاذ الدكتور محمد ولد أعمر، مدير عام الألكسو، والتي جدد فيها دعم المنظّمة التي يرأسها للجهود المبذولة للحفاظ على التراث الثقافي وحمايته، خاصة ذلك الذي يواجه تهديدات جسيمة. واستمعت الجلسة الافتتاحية إلى مداخلات كُلٍّ من سعادة السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد ورئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، وسعادة الدكتور الحسين غزو، مدير إدارة الشؤون الثقافية بمنظمة التعاون الإسلامي، وسعادة الدكتور سالم المالك مدير عام إيسسكو.
وفي كلمته، أكّد مدير عام إرسيكا الأستاذ الدكتور خالد أرن على أهمية الحفاظ على التراث الذي لا يمثلُ تاريخ وماضي الأمَّة فقط، بل هو جزء لا يتجزّأ من التّراث الإنسانيّ والعالميّ. وقال أنّه “لا يخفى على المُهْتمِّين بالتّراث الإسلامي أنّ المدن التي اِزدهرت فيها الفنون والعلوم والعمائر والآثار التي تعبّر عن مختلف العادات والتّقاليد التي نشأت على مدى قرون من الزّمن، يجرِي تدميرُها ونهبُها في مختلف أرجاء العالم كما هو الحالُ في القدس وفلسطين والعراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها”. وذكر أنّ إرسيكا لم ولن يتوانى عن تسخيرِ كافّة إمكانيّاته وخبراته المكتسبة على مَرِّ أربعة عقودٍ من العمل المتواصل للمساهمة في حماية التراث والحفاظ عليه مؤكّدا أنّ المركز قد بذل جهودا كبيرة في هذا المجال، وذلك إمّا عن طريق مشاريعه المباشرة، أو اتفاقيّات التّعاون مع الجهات المعنيّة، أو المؤتمرات والندوات التي نظّمها أو شارك في تنظيمها.
ودعا الدكتور أرن جميع المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالتراث إلى ضرورة التنسيق فيما بينها من أجل حصر الأضرار وتحديد أولويّات التّدخل وتشكيل لجنة من الخبراء للعمل على إعداد الدراسات والتقارير حول وضعِ التراث وسبُل حمايته وتقديم الاستشارات وتبادل الخبرات الإدارية والتّقنيّة والفنية. كما جدّد الدعوة للدول الأعضاء في منظمة التعاونِ الإسلامي ومن ضمنها الدول العربية والمنظمات الإقليمية والجامعات للمشاركة الفعّالة في مشروعِ “إرسيكا ــ قاعدة بيانات الأمير سلطان بن سلمان للتراثِ المعماري الإسلامي”، والذي يهدفُ إلى تسجيل المواقع والمعالم الأثرية الإسلامية وتخزين المعلومات حول تاريخها ووَضْعِها الحالي ومحيطها وخصائصها الطبيعية ووظائفها الماضية والحاضرة والترميمات والتعديلات التي شَهِدَتْها على مرّ العُصور. وشدد المدير العام على ضرورة قيام المنظماتِ الدولية وعلى رأسها منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية بتحثيث السّعيِ لاتخاذِ التدابيرِ اللازمة للحدّ من أعمال السرقة والتخريب الممنهجة والتي يتعرّضُ لها التراثُ الثقافيُّ ومنع المُتاجرة به، ومصادرة الأعمالِ المُهرّبةِ مثلما تنُصُّ عليهِ بُنود العديد من الاتفاقيّات الدولية.
وفي ختام كلمته، أكّد الدكتور أرن أنّ حماية الموروث الثقافي لن يتحقّق إلا بتضافر جهود الدول الأعضاء في المنظّمتَيْنِ بكافة مؤسساتها والعمل كفريق دولي واحد لافتا أنّ ترسيخ قيم السلام والتعايش السلمي بين المجتمعات ونشر مبادئ التسامح والتفاهم ومكافحة التطرف والعنف والكراهية يكتسب كذلك أهميّة كبرى في ظل الأوضاع الراهنة. وفي ختام الاجتماع التنسيقي، تقرّر تكوين فريق عمل مصغّر لضبط أولويّات التدخّل ونوعها ومستوياتها، واقتراح مشروعيْن نموذجيّيْن يقع البدء في تنفيذهما في أسرع الآجال على أن تُعْطى الأولوية إلى كلٍّ من لبنان وليبيا والعراق واليمن والسّودان.