بسم الله الرحمن الرحيم
يشهد المجتمع الدولي واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخه حيث تهدد جائحة كوفيدـ19 الحياة، الصحة العامة والحياة الاقتصادية وتضرب الأمن والتنمية في جميع البلدان. يتابع إرسيكا، بصفته الجهاز الثقافي لمنظمة التعاون الإسلامي، وكمنظمة حكومية دولية تعمل على تعزيز التعاون الثقافي الدولي، تداعيات الوباء على مجالات الحياة الأكاديمية والتعليمية والفنية وغيرها وذلك في الدول الأعضاء للمنظمة بشكل خاص و حول العالم بشكل عام.
إن هذه الجائحة التي يشهدها العالم اليوم تصيب الجميع على حد السواء وعليه فلابد للجهود المتظافرة للتصدي للوباء من إجماع قائم على اعتبارات إنسانية يشمل الأبعاد الأخلاقية والثقافية والعلمية والقانونية والدينية الضرورية. وبناء على ذلك ، يقوم المركز بإعادة صياغة بعض أنشطته المقررة للفترة الحالية بطريقة تدعم الجهود العالمية لمكافحة الوباء. إنّ إرسيكا، أول جهاز متفرع عن منظمة التعاون الإسلامي، يسعى منذ تأسيسه وبكل ماهو مُخوّلٌ له، لتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء خاصة في حالات الطوارئ الإنسانية، وذلك على النحو المنصوص عليه في ميثاق المنظمة.
وعليه فإن المركز يسعى، أثناء تنفيذ الأنشطة المجدولة في برنامج عمله، إلى طرح مواضيع وجوانب محددة من مجالات عمله التي من شأنها تسليط الضوء على القضايا والتجارب ذات الصلة في سياق الوباء.
ويهدف إرسيكا بذلك إلى نشر المعلومات العلمية وخلق الوعي الثقافي الذي من شأنه أن يساعد على تعزيز القوة الأخلاقية والتعايش الكوني والتضامن بين جميع شعوب العالم بغض النظر عن الثقافة أو الدين أو العرق أو الهويات القومية أو المواقع الجغرافية.
ويستند المركز إلى الدراسات التي قام بها على مدار الأربعين سنة الماضية والتي تطرقت على وجه الخصوص، إلى الموضوعات المتعلقة بتاريخ العلاقات الدولية والثقافات، والذاكرة المشتركة لتاريخ الحضارات المختلفة، ومساهمات الثقافات الإقليمية في الحضارة العالمية، والمعرفة والعلوم، بما في ذلك مجالات الطب والصحة العامة، والتي تم التعامل معها من خلال مشاريع المركز المتنوعة.
ومن شأن هذه الجهود المبذولة أن تعزز العلاقات الثقافية المشتركة بين الدول. كما يمكن أن تساعد على تعزيز الوعي العام للتضامن في مواجهة هذا التهديد المشترك وتدعيم الجهود المتظافرة للتصدي للوباء. فضلاً عن ذلك، يمكن للاجتماعات الدولية والمشاريع الأكاديمية والاستشارات التي تعتزم هيئة إرسيكا تنظيمها في مختلف مجالات تخصصها أن تنتج أيضًا رؤى وتوجيهات حول التوجهات الجديدة التي ستكتسبها البحوث في العلوم الاجتماعية، وخاصة تاريخ الثقافة والدراسات الإسلامية، في أعقاب الوباء.
ولتنفيذ هذه الأنشطة، يستفيد المركز من كل الموارد والتسهيلات والتقنيات الرقمية المتاحة عبر الإنترنت، كما يعمل على تطوير بواباته الإلكترونية وأنظمة التوثيق الموجودة في إرسيكا، بما في ذلك تلك التي تعمل بالفعل في أقسام المكتبة والأرشيف. وفي الفترة الحالية، يواصل المركز تنفيذ أنشطته مثل ورش العمل وحلقات النقاش والدورات التدريبية عبر تقنية مؤتمرات الفيديو. وتجدر الإشارة أن إرسيكا بصدد التحضير لعقد مؤتمرات حول التاريخ والدراسات الإسلامية، تلك التي كان من المقرر تنظيمها في النصف الأول من عام 2020 في دول مختلفة من الدول الأعضاء لمنظمة التعاون الإسلامي، وذلك عبر تقنية مؤتمرات الفيديو. هذا وسيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب.
وفي الوقت نفسه، يستمر البرنامج التدريبي الذي يقدمه مركز إرسيكا حول فن الخط وذلك عبر التقنية المذكورة، مع دورات أسبوعية تُدَرّس من قبل ثلاثة خطاطين رئيسيين وذلك بمشاركة 25 متدربًا من 14 دولة لتعلُّم أنماط مختلفة من الخط. وإلى جانب الأنشطة المنظمة عبر الإنترنت، يواصل المركز نشر كتبه ودورياته المجدولة. هذا ويعتزم إرسيكا نشر مذكرات حول تقدم أنشطة المركز عبر الموقع الإلكتروني والقنوات الأخرى كمنصات التواصل الاجتماعي.
إنا وإذ نسأل الله القدير أن يرفع عنا كل هامة، نرجو أن يتغلب المجتمع الدولي على الأزمة الحالية، أن يتمكن من تخفيف المعاناة وخفض العواقب الاقتصادية والاجتماعية المدمرة وأن يضمن مستقبلا تنعم فيه البشرية بالصحة والعدالة والمساواة والتعاون بين جميع الشعوب.