نظّم إرسيكا، وقسم التاريخ الوطني والتراث الأدبي لحكومة باكستان، وحكومة آزاد جامو وكشمير، في إسلام آباد بباكستان، يومي 4 و 5 أبريل 2019، المؤتمر الدولي عن «تاريخ كشمير الإسلامي وثقافتها وتراثها».
وألقى معالي الدكتور عارف ألفي، رئيس جمهورية باكستان الإسلامية، الضيف الرئيسي للمؤتمر، كلمة ضافية في الافتتاح.
وشارك في المؤتمر باحثون وخبراء من باكستان وخارجها ومن منظمات دولية.
اِستُهل حفل الافتتاح بخطاب ألقاه المهندس عامر حسن، أمين قسم التاريخ الوطني والتراث الأدبي لحكومة باكستان. وأوضح السيد حسن أن الهدف الأساسي للمؤتمر هو زيادة المعرفة بشأن تاريخ كشمير الإسلامي وتراثها الثقافي وذلك من خلال جمع باحثين من باكستان وخارجها متخصصين في الجوانب المختلفة للموضوع وتقديم توصيات للمحافظة على هذا التراث الثقافي.
ثم ألقى المدير العام لإرسيكا الأستاذ الدكتور خالد أرن كلمة أكد فيها على أهمية الحفاظ على تراث كشمير الثقافي من خلال أعمال علمية وعملية. وأوضح المدير العام أن المؤتمر الذي جاء نتيجة لتضافر جهود ديبلوماسية وأكاديمية، قد عكس الإهتمام المشترك للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وفي إرسيكا بقضية آزاد جامو وكشمير وأنه سيقدّم للعالم رسالة معارفية حول التراث الثقافي لآزاد جامو وكشمير. وقدّم الأستاذ الدكتور أرن ملخّصا عن أنشطة إرسيكا المتعلقة بالحفاظ عل التراث الثقافي، وخاصة الأنشطة المرتبطة بالتراث في مناطق النزاعات. وشدّد على العلاقة المباشرة بين التحديات التي يواجهها التراث الثقافي ومشاكل العلاقات بين الأديان.
وتطرّق السيد شفقت محمود، الوزير الاتحادي للتعليم الإتحادي والتدريب المهني والوزير الاتحادي للتاريخ الوطني والتراث الأدبي في باكستان، في كلمته، إلى جانب مهم للغاية له علاقة بموضوع المؤتمر، وهو الموجة الأخيرة للإسلاموفوبيا. وفي هذا الصدد، تحدّث عن ما جرى في نيوزيلاندا بفعل الكراهية وقال أن الناس يقتلون المسلمين لأن الكراهية سائدة هناك. وأضاف أن هذه الكراهية قد تنعكس على جوانب أخرى أيضا؛ وقال: « من المعروف أن القطع الأثرية الإسلامية التاريخية النفيسة قد سُرقت من البلدان الإسلامية ونُقلت بعيداً. وهذا تحد كبير ويجب القيام بكل شيء لحماية التراث الإسلامي. » أما لجانب الآخر المهم للمؤتمر فهو الروابط التاريخية بين باكستان وكشمير. وفي هذا السياق، قال السيد شفقت: « إن ما يحدث اليوم في كشمير هو أن نظاما وحشيا قد أطلق العنان لأعمال فظيعة وبشعة ضد شعب جامو وكشمير. فقُتل الآلاف من الناس. وقد قاموا بكل هذا لإبادة الشعب ولكنهم فشلوا ! » فالمؤتمر مهم جدا من حيث أنه يتناول التاريخ المشترك الواضح والتراث وبالتالي الطموحات الواضحة لشعب جامو وكشمير. إن التراث يعكس التاريخ. ثم إن هذه المنطقة ما تأثرت بشيء بقدر ما تأثرت ولمدة طويلة بالحضارة الإسلامية. ولهذا فإن الكثير من المواقع هي من الحضارة الإسلامية. »
وقرأ السفير أحمد سرير، المستشار الخاص لمعالي لأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، خطاب الأمين العام وتطرّق فيه إلى مشكلة ظاهرة الإسلاموفوبيا المتزايدة مؤكّدا ضرورة حماية التراث الثقافي الإسلامي. وأشاد الأمين العام بمنظمي المؤتمر في باكستان لإبرازهم وإجلائهم تراث كشمير الثقافي الثري في هذه الأوقات الصعبة.
وألقى معالي السيد صردار مسعود خان، رئيس ولاية آزاد جامو وكشمير، خطابًا شاملاً قال فيه أن الإسلام لم ينتشر في كشمير من خلال الفتوحات وإنما عن طريق أقوال الصوفية والأولياء وأفعالهم المتجلية في الورع والتقوى والبرّ والإحسان، مما جعل السكان المحليين يتأثرون بهم ويعتنقون الإسلام. ونتيجة لذلك، شهدت كشمير ازدهار تراث غني متنوع منقطع النظير من عمارة وفنون وحرف يدوية وصناعة تقليدية تتضمن السجّاد والشال والنسيج وتقنية الورق المعجن والحفر على الخشب والخط العربي والتطريز …الخ. وتضمّ آزاد كشمير مواقع أثرية وتاريخية باهرة منها المواقع القديمة مثل جامعة شاردا، وقلعة بَاغْسَارْ، وقلعة مَانْغْلا، ومسجد مُوغَالْ، وقلعة رَامْكُوتْ، والقلعة الحمراء في مظفر آباد، وأضرحة لصوفية مشهورين مثل بير شناسي،
وخاري شريف، وداربار بابا شادي شهيد، وحاجي بير، وسين ساحلي سركار. وأطلع الرئيسُ الجمهورَ على الجهود التي تبذلها حكومته في الحفاظ على العمارة المحلية والثقافة والتراث. واختتم الرئيس كلمته معربا عن أمله أن يعقد اجتماع مماثل في مظفر آباد في المستقبل.
وأكد معالي الدكتور عارف ألفي، رئيس باكستان، على نضال باكستان ضد جميع أشكال التطرف والعنف وجهودها للحفاظ على التراث الثقافي في جو من السلام والتسامح. وقال الرئيس أن تاريخ كشمير يمتد لأكثر من خمسة آلاف سنة وأن الفنون الإسلامية والخط العربي قد أَكْسَبَا المنطقة جمالا فنيا، وأنه من شأن هذا المؤتمر أن يقدّم للمشاركين لمحة عن ثقافة كشمير وحضارتها وما يميّزها من جمال وسلام. وقال الرئيس أن قضيتي كشمير وفلسطين تستقطبان اهتمام المجتمع الدولي وأنه يجب على الأمم المتحدة أن تلعب دورا في إيجاد حل لهاتين القضيتين من أجل السلام العالمي. وأعرب عن ارتياحه لدعم الأمة الإسلامية لقضية كشمير. وأوضح الرئيس أن آزاد كشمير هي من أكثر المناطق الباكستانية أمنا وسلاما، لكن كشمير الهندية المحتلة تعاني ألما شديدا. وعن التراث الثقافي، قال الرئيس أنه يجب الحفاظ على التراث الثري بما في ذلك اللغات والآلات الموسيقية وتنميتها. وأن حكومة أزاد كشمير تجتهد في إحياء تراثها الثقافي والتعريف به للعالم.
وقدّم الأستاذ الدكتور خالد أرن، المدير العام لإرسيكا، في نهاية الجلسة الافتتاحية، لمعالي السيد عارف ألفي، رئيس باكستان، نسخةً طبقَ الأصلِ أصدرها إرسيكا، للمصحف المنسوب إلى زمن الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) والموجود في متحف قصر طوب قابي باسطنبول.
عُقدت يومي 4 و 5 أبريل 2019 خمس جلسات حول المواضيع التالية: تاريخ كشمير، وتراث كشمير المعماري؛ وتراث كشمير الثقافي، وتراث كشمير الأدبي، والمعالم الأثرية في كشمير. وشارك في المؤتمر خمسة وعشرون باحثا وخبيرا متخصصون في تاريخ كشمير وثقافتها وتراثها، قَدِمُوا من باكستان وآزاد جامو وكشمير وتركيا والبوسنة والهرسك. كما حضر المؤتمرَ كتّاب ومتخصصون وأكاديميون وفنانون وممثلون عن دوائر إعلامية من المنطقة.