عُقِد مؤتمر علمي دولي افتراضي بعنوان “جامعة سمرقند الحكومية ــ امتداد لمدرسة أولوغ بيك” وذلك من قبل وزارة التعليم العالي والثانوي الخاص بجمهورية أوزبكستان في 16 يوليو 2020، احتفاء بالذكرى السنوية الستمائة لتأسيس جامعة سمرقند الحكومية، والتي تُعتبر امتدادا لمدرسة أولوغ بيك.
والمعروف أنّ الحاكم الأوزبكي، أولوغ بيك، وهو عالم في الفلك، قام بتأسيس مدرسته الكبرى للدراسات العليا في عام 1420 في سمرقند، وكانت تُدرَّسُ فيها الرياضيات وعلم الفلك مع العلوم الدينية. كما أنشأ خلال نفس السنة مرصدا فلكيا. وأمّا جامعة سمرقند الحكومية، فقد أُسِّست لتكون خلفا وامتدادا لمدرسة أولوغ بيك، على أساس المصادر التاريخية والبحث العلمي، وهو ماتم تأكيده من خلال بعض البحوث والأوراق المقدمة خلال المؤتمر.
وشارك في المؤتمر حوالي 50 متحدثًا من وزراء ورؤساء جامعات ورؤساء أكاديميات ورؤساء منظمات ووكالات دولية وباحثين من دول مختلفة في آسيا وأوروبا، حيث أثروا الملتقى بما قدموا من مداخلات وأوراق علمية.
وشارك المدير العام لإرسيكا، الأستاذ الدكتور خالد أرن، في الجلسة الافتتاحيية للمؤتمر وألقى كلمة فيها، وأكّد على أنّ تأسيس مدرسة أولوغ بيك في سمرقند كان إنجازا ذهبيا في تاريخ العلم والتعليم. وذكر أن المدرسة واصلت تطورها إلى العصر الحديث متجسدة في جامعة سمرقند الحكومية، واكتسبت بذلك تقاليد مؤسسة تعليمية عميقة الجذور. وبحسب قوله فإنّ “جامعة سمرقند الحكومية تُقَدِّمُ مثالاً على تطور مؤسسة التعليم العالي الكلاسيكية، أي مدرسة أولوغ بيك، إلى جامعة حديثة، مُشَكِّلَةً بذلك صلة بين الماضي والحاضر واستمرارية للعلم والمعرفة والتعليم”. كما تطرق الأستاذ الدكتور خالد أرن إلى أهداف ومضامين المشاريع التي شارك إرسيكا في تنفيذها، والمتعلقة بدراسة تاريخ العلوم والتعليم في العالم الإسلامي. وذكر أن المركز، بصفته الجهاز الثقافي لمنظمة التعاون الإسلامي، قام بتنظيم عدد كبير من الندوات والمشاريع البحثية وتخصيص الكتب المرجعية، بما في ذلك السير الذاتية والببليوغرافيات، في متناول الباحثين ومؤسسات العلوم والتعلم في مجال تاريخ العالم الإسلامي، مبينا أنه في سياق هذه الأنشطة، تتم الإشاراة بصفة متكررة إلى المدارس والجامعات.
كما سلّط المدير العام للمركز الضوء على التطور التاريخي للمدارس، فقال “إن حكام الدول الإسلامية المتعاقبة كانوا بدورهم رعاة للعلوم والتعليم العالي، حيث تم إنشاء المدارس والمكتبات في العديد من مدن الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وشمال إفريقيا والأندلس؛ كما تم تبادل المعرفة بين العواصم العلمية في العالم الإسلامي”. وذكر على سبيل المثال، أنّ زيج [جداول فلكية] أولوغ بيك، الذي تم إعداده في مرصد سمرقند، قد أصبح دليلاً هامًا للفلكيين العثمانيين في إعداد التقاويم، كما وفرت مدرسة سمرقند للجغرافيا وعلم الفلك المصادر الأساسية لمعرفة العالم الإسلامي بالجغرافيا ورسم الخرائط. وذكر أيضا أنّ من أشهر علماء الفلك العثمانيين الذين درّسوا وعملوا بمدارس سمرقند، قاضي زاده الرومي وعلي الدين القوشجي.
ولفت المدير العام لإرسيكا إلى أنّ مثل هذه المدارس قد لعبت دورًا حاسمًا كمراكز تعليمية في تنمية المجتمعات وذلك لقرون عديدة، وأنّ عددًا من جامعات القرن العشرين في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي إنما هي استمرارية وامتداد للمدارس السابقة.
وتميزت الجلسة الإفتتاحية التي أدارها الأستاذ الدكتور رستم خالمرادوف، رئيس جامعة سمرقند الحكومية، بمداخلاتٍ لكبار الشخصيات والمحاضرين والباحثين وهم كلٌّ من السيد إيركينجان تورديموف، حاكم محافظة سمرقند، ومعالي الدكتور إنعام مجيدوف، وزير التعليم العالي والثانوي الخاص في أوزبكستان، والدكتور بهزاد يولداشيف، رئيس أكاديمية علوم أوزبكستان، ومعالي الوزير إبراهيم عبد الرحمنوف، وزير التنمية الابتكارية بأوزبكستان، والأستاذ محمود آق، رئيس جامعة إسطنبول، والأستاذ وانغ شوغو، رئيس جامعة شيــان الصينية، والأستاذ عمرزاقوف، رئيس المجلس الجمهوري للتعليم العالي بأوزبكستان، والأستاذ إلشات غافروف، رئيس جامعة قازان الفيدرالية (روسيا)، والأستاذ أفيم بيفوفار، رئيس الجامعة الروسية الحكومية للعلوم الاجتماعية.
وأعقبت ذلك جلسات المحاضرات. وبدوره تحدث الأستاذ الدكتور عشيربيك مومينوف، رئيس قسم البحوث والمنشورات بإرسيكا، عن “استمرارية التقاليد العلمية في مدارس آسيا الوسطى”. وقد غطت هذه المحاضرات مجموعة واسعة من المواضيع، بما في ذلك الموضوعات المتعلقة بالمدارس وأنظمة التعليم وهي كالآتي:
“دور الترجمة في التواصل بين الحضارات” للدكتور شاه عظيم منوروف، مدير مركز الحضارة الإسلامية في أوزبكستان؛ “تصنيف العلوم المدروسة في مدرسة أولوغ بيك” (اِستنادا لبحث الأكاديمي فاليخدجاييف) للسيدة تورسونوفا من جامعة سمرقند الدولية؛ “الجذور التاريخية لجامعة سمرقند الحكومية (للذكرى الـ600 لتأسيس الجامعة)” للباحث أيوبوف، من أكاديمية العلوم في أوزبكستان ؛ “تاريخ نشأة المدارس ـ نظام التعليم العالي في أوزبكستان (تحويل المدارس إلى جامعات في العشرينيات)” للأستاذ ب. إرجاشيف من جامعة سمرقند الحكومية؛ “جامعة سمرقند الحكومية : بين الأمس واليوم” للدكتور نومورودوف، رئيس مؤسسة نوروني ـ سمرقند؛ “مدارس سمرقند ومكتباتها” للسيد زيودوف من مركز الإمام البخاري الدولي للأبحاث، أوزبكستان ؛ “حول مدرسة ميرزا أولوغ بيك و إجراءاتها” للدكتور محمودوف من جامعة سمرقند الحكومية ؛ “العمارة الكبرى في آسيا الوسطى: الماضي والحاضر والمستقبل” للدكتورة أونا فلايكيس من كلية لندن الجامعية، المملكة المتحدة؛ “دور نظام المدرسة التعليمي في نهضة تيمورلنك والسلالة التيمورية (بالاستناد إلى نموذج مدرسة أولوغ بيك في سمرقند)” للأستاذ مافلونوف من أكاديمية الإدارة العامة، أوزبكستان؛ “مجموعة تركستون: مصدرا لدراسة نظام سمرقند التعليمي” للأستاذ حاييتوف من جامعة بخارى الحكومية، أوزبكستان؛ “من تاريخ المدارس في أوزبكستان” للأستاذ غافوروف من معهد سمرقند الطبي الحكومي؛ “دور البيئة الروحية والتنويرية لسمرقند في الحياة والنشاط الإبداعي لـعلي شير النوائي (تحليل تاريخي)” للسيد تورسونوف من مركز الإمام البخاري الدولي للأبحاث، أوزبكستان؛ “مدارس العصور الوسطى ومساجد كازاخستان على المواد الأثرية” للأستاذ ديمتري فوياكين، مدير المعهد الدولي لدراسات آسيا الوسطى، أوزبكستان؛ “نظرة على الإمكانات الحالية لـجامعة سمرقند الحكومية” للأستاذ ميرزائيف من جامعة سمرقند الحكومية؛ وأخيرا “فهم أنظمة التعليم الأجنبية ـ وجهات نظر المستشرقين والأساليب الحديثة” للدكتورة إيفا أورتمان من جامعة غوتينغن، ألمانيا.
وأُثْرِيَ المؤتمر الافتراضي كذلك بدراسات حول التعاون الأكاديمي بين الجامعات في أوزبكستان ودول آسيا الوسطى الأخرى وفرنسا والهند وإيطاليا وبولندا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، بينما ناقشت أبحاث أخرى قضايا متخصصة، بما في ذلك التقنيات الرقمية في البحث.